المقالات الرياضيةمقالات

تزوير الأعمار وباء يقتل المواهب في بلاد الرافدين

تزوير الأعمار آفة تهدد كرة العراق. يدور في ذهني كثيرا سؤال عن التغيير المستمر لتشكيلة المنتخب العراقي، وعدم الثبات على أسماء معينة .. أحيانا أشعر بأن اللاعبين مصابين بشيخوخة مبكرة، فالعمر الرياضي لمعظم اللاعبين قصير!

إن متتبعي الكرة العراقية يعرفون جيدا مدى إقدام الأندية المحلية. وكذلك المنتخبات الوطنية على تزوير أعمار لاعبيها بهدف مشاركة اللاعب المزور مع الفئات السنية الأصغر منه سنا في الأندية المحلية. ومن ثم الذهاب للمنتخبات السنية مثل الناشئين والشباب والأولمبي، بهدف تحقيق نتيجة إيجابية على الصعيد الدولي.

تزوير الأعمار يؤدي إلى شيخوخة مبكرة !

تلك الشيخوخة حلت في كرتنا، فمنهم من عمل على تزوير الأعمار من خلال تصغير عمره سنتين والآخر ثلاث. وبعضهم خمس وست سنوات .. لذلك يصل اللاعب إلى المنتخب بمعدل عمري يصل الخمسة والعشرين عاما. ما يجعله غير قادر على الاستمرار أكثر، في مدة لا تزيد عن السنتين بسبب تقدمه في العمر، ومن هنا نلاحظ التغيير المستمر في تشكيلة المنتخب الوطني وسحب لاعبين جدد بين الحين والآخر.

وفي كل مرة تُفتح هذة الملفات نتيجة إنتهاء جواز سفر اللاعب المزور، وعدم حصوله على جواز سفر جديد. وبذلك نرى في بعض الأحيان بعد استدعاء اللاعب في استحقاقات المنتخب يتم استبعاده إداريا قبل موعد الطائرة، وذلك بسبب مشكلة في جوازه وعدم استحصال فيزة السفر.

اعتزال مبكر أم تزوير الأعمار ؟

ونرى أيضا أن الأجيال التي لعبت ضد بقية المنتخبات، مثل التي لعبنا ضدها في الأولمبياد، ما زالوا يواصلون اللعب إلى يومنا هذا. أما لاعبينا فمنهم من اعتزل ومنهم من يلعب في أندية الدوري ولا يستدعى للمنتخب بسبب تقدمه في العمر .. فعلى سبيل المثال لا الحصر، علي حسين رحيمة اعتزل منذ سنوات. والآن يعمل في مجال التدريب، لكنه كان في ذات المرحلة السنية مع مهاجم برشلونة والمنتخب البولندي “روبرت ليفاندوفسكي” .. كما أن أمجد كلف اعتزل منذ مدة، أما أمجد راضي فيلعب على الهامش. رغم أنهما قد لعبا مع المنتخب الأولمبي العراقي المشارك في تصفيات أولمبيات 2008، البطولة التي أنجبت كريم بن زيما وأوليفر جيروه في المنتخب الفرنسي. واللذان لا يزالا يقدمان عطاءات ممتازة رفقة نادييهما ريال مدريد وأي سي ميلان !

هل يصمد التزوير أمام الفيفا؟

ولم يتوقف تزوير الأعمار إلى هذا الحد، بل تجاوز أكثر من ذلك، وتبين أن بعض لاعبي الدوري يلعبون بأسماء وأعمار إخوانهم الأصغر منهم سنا .. والمشكلة منهم من لعب للمنتخب الأول. ومنهم من هو محترف خارج العراق .. والمضحك في الأمر أنه في سنة ليست بعيدة جاء مدرب محلي ودرب أحد الأندية الجماهيرية، وقرر إصلاح بعض أعمار اللاعبين، فوجد لاعب مسجل بالفريق باسم أخوه الأصغر. فأصر على إعادة اللاعب إلى اسمه وعمره الحقيقي، ثم استبعده من الفريق لعدم تناسب سنه مع السن القانوني للاعبي فريقه .. غير أن المدرب لم يوفق مع الفريق، وأقيل من منصبه لسوء النتائج .. وبعد مدة وجيزة تفاجئ المدرب عند مشاهدة مباراة فريقه السابق، أن اللاعب الذي استبعده بسبب التزوير عاد إلى الفريق باسم أخيه الأصغر “الاسم المزور”!.

سلطت هذه الحادثة الضوء على مشكلة جديدة يواجهها المزورون. ألا وهي أن اللاعب مسجل عند الفيفا باسم أخيه “الاسم المزور”. واذا غيره فإن لن يستدعى للمنتخب مجددا، وسيفتح بابا لن يغلق من قبل الفيفا بوجه اتحاداتنا الرياضية!

محترفون بلا تزوير وبلا واسطة أيضا

إن أغلب اللاعبين المزورين هم لاعبين جيدين ولايختلف أحد على مهارتهم الفنية .. لكن المشكلة تكمن في أن اللاعب عندما يصل للمنتخب الأول، لا يستطيع الاستمرار مدة أطول بسبب تقدمه بالسن .. وهذا الشيء اثر سلبا على بناء منتخب ذو منظومة من لاعبين منسجمين على مدى سنوات في فريق واحد .. لذلك نجد أن جميع الجماهير والمدربين والشارع الرياضي يطالب بضرورة استدعاء اللاعبين المحترفين في الدوريات الأوربية. بسبب أن أعمارهم حقيقة مطابقة لجواز السفر، وبإمكانهم تقديم الدعم الكامل للمنتخب العراقي لسنوات طويلة.

لكن السؤال هل سينتهي التزوير ونرى المنتخب بأعمار حقيقة، ولاعبين ينسجمون سويا لسنوات طويلة في خدمة هذا المنتخب ؟ .. سؤال لن نستطيع الإجابة عليه اليوم بل سنرى ما يحصل بعد حين.

لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى