تباين في موقف العراق بين الحكومة والفصائل المسلحة بشأن الأزمة السورية
وسط قلق متزايد من تأثيرات الأزمة السورية على الوضع الأمني في العراق، يبقى موقف الحكومة العراقية، بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، غير واضح تماماً. فبينما تتردد بغداد بين الحياد أو الانخراط المباشر في الأزمة، يظهر على الساحة العراقية “غير الرسمية” حضور فعلي للفصائل المسلحة المنخرطة في النزاع السوري المتجدد.
المراقبون يشيرون إلى حالة من الالتباس في طريقة تعامل العراق مع الأزمة، إذ تتنوع التوقعات بين الانخراط العسكري المباشر أو الاكتفاء بالدعم السياسي والدبلوماسي. ورغم تأكيدات رسمية سابقة من مسؤولين، مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، بعدم إرسال قوات للقتال في سوريا، إلا أن تصريحات أخرى، خصوصاً من قوى “الإطار التنسيقي” الشيعي، تشير إلى دعم واضح للنظام السوري بقيادة بشار الأسد.
إقرأ أيضا
رئيس الوزراء نفسه عبّر خلال محادثاته مع رؤساء سوريا وإيران وتركيا عن مواقف تعكس انحيازاً نسبياً لدمشق. وفي تصريح له للرئيس التركي أردوغان، قال السوداني: “العراق لن يكون متفرجاً على التداعيات الخطيرة في سوريا”.
التوجهات الداعمة للنظام السوري تتعزز من خلال تحركات سياسية مثل إعادة تفعيل التحالف الرباعي مع روسيا وسوريا وإيران. هذا التحالف، الذي تأسس في 2015 بمشاركة “حزب الله” اللبناني، يهدف لتبادل المعلومات الأمنية، لكنه يعكس في الوقت نفسه انخراطاً أوسع للعراق في الأزمة السورية.
تباين وجهات النظر الداخلية:
الدبلوماسي السابق غازي فيصل يرى أن الدستور العراقي يمنع التدخل في شؤون الدول الأخرى بموجب المادة 8 التي تشدد على احترام مبادئ حسن الجوار. لكنه أشار إلى أن الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران قد تعمل خارج نطاق الاستراتيجية الرسمية للدولة.
في المقابل، يرى إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة بغداد، أن الحكومة تجاوزت مرحلة التردد وأصبحت فعلياً طرفاً في الأزمة. ويؤكد أن ذلك قد يجر تداعيات خطيرة، منها مواجهات محتملة مع القوى الفاعلة في سوريا، مثل تركيا والولايات المتحدة.
أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر يصف الموقف العراقي بأنه “ملتبس” وغير واضح بين الرسمي وغير الرسمي، مشيراً إلى أن الفصائل المسلحة لا تحتاج إلى أوامر مباشرة للمشاركة في النزاع، ما يضيف مزيداً من التعقيد للمشهد.
استنتاج:
يبقى مستقبل الدور العراقي في الأزمة السورية مرهوناً بالتطورات الإقليمية والدولية. فبين الضبابية الرسمية وانخراط الفصائل المسلحة، تواجه الحكومة العراقية تحديات كبرى قد تتطلب منها تحديد موقف أكثر وضوحاً في الأيام المقبلة.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط