تصاعد التوترات الأسلحة النووية الروسية: بوتين يستمر في التصعيد ضد الغرب
منذ الخمسينيات من القرن العشرين، كان الحفاظ على الأمن والسلام العالمي يعتمد بشكل كبير على الحوار بين موسكو وواشنطن بشأن الحد من الأسلحة النووية. لكن هذا الحوار قد توقف بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأصبحت العديد من الدول النووية تعتمد على التهديدات النووية لتحقيق أهدافها.
في روسيا، تتزايد الدعوات لاستخدام الأسلحة النووية ضد أوروبا، وحتى لإجراء “انفجار نووي توضيحي”. في مايو الماضي، أجرت روسيا تدريبات نووية كرد على ما وصفته بـ “الدعم الغربي المباشر للأعمال الإرهابية ضد روسيا”. المسؤولون الروس يهددون الآن باستخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية ضد الغرب. في تحليل نشره موقع “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، أشار مكسيم ستارشاك، الخبير الروسي في الأسلحة النووية، إلى أن التهديد النووي أصبح جزءًا من السياسة الروسية.
إقرأ أيضا
في كل مرة تزود الدول الغربية أوكرانيا بأسلحة جديدة وتسمح لها باستخدامها ضد روسيا، ترد موسكو بالتهديد باستخدام الأسلحة النووية. في حين تضع واشنطن حدوداً لدعمها لأوكرانيا، يتجاهل الكرملين جهود الحد من الأسلحة النووية.
تحاول روسيا منذ سنوات ابتزاز الغرب بالأسلحة النووية. في عام 2018، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطوير أسلحة لا تشملها معاهدة “ستارت3″، بما في ذلك الصاروخ النووي “بورفيستنك” والطوربيد النووي “بوسيدون”. يهدف هذا إلى تأكيد التفوق الاستراتيجي الروسي ودفع واشنطن لتقديم تنازلات.
يرفض الرئيس بوتين مقترحات واشنطن بشأن محادثات الحد من التسلح، ويبدو أنه يتوقع أن يقبل الغرب مطالبه النهائية التي أعلنها قبل غزو أوكرانيا. ومنذ بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، تعتبر وزارة الدفاع الروسية الأسلحة النووية عائقًا أمام أي حرب ضد الناتو، بينما تراها وزارة الخارجية أداة دبلوماسية.
تعتبر روسيا المفاوضات الحالية حول الحد من التسلح هزيمة، بحسب مكسيم ستارشاك، الذي عمل في عدة مراكز أبحاث روسية. يعتقد الكثيرون في روسيا أن نظام الحد من التسلح قد وضع بشروط غربية ويريدون تغييره. إن تورط الغرب في أوكرانيا يُعتبر نتيجة لعدم فاعلية الردع النووي الروسي.
رداً على الدعم الأمريكي لأوكرانيا، نشرت روسيا أسلحة نووية في بيلاروسيا وعلقت مشاركتها في معاهدة “ستارت3”. تهدف هذه الخطوات إلى إخافة واشنطن وتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ. ورغم أن واشنطن تسعى للدخول في محادثات، فإن روسيا ترفض أي مبادرات لتخفيف التوتر.
ومع ذلك، لم تحقق موسكو بعد كل مطالبها من واشنطن. الولايات المتحدة لم تخفض دعمها لأوكرانيا ولم تتعامل مع الأزمة النووية بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع أزمة الصواريخ الكوبية.
يُتوقع أن تواصل روسيا التصعيد، بما في ذلك تغيير سياستها النووية وزيادة مخزوناتها من الأسلحة وبناء نظام وطني للدفاع الصاروخي. تحاول روسيا من خلال الابتزاز النووي إعادة بناء النظام العالمي الذي كان سائداً في النصف الثاني من القرن العشرين، ولكن بدلاً من تحقيق الأمن، ستزيد من عدوانية الكرملين.
يرى ستارشاك أن موسكو تعتبر نفسها الجانب الأقوى في الحرب الأوكرانية وتستعد لمواجهة طويلة مع الغرب، مما يعني أن العالم قد يشهد سنوات من التوترات النووية المتزايدة والمواجهات غير المتوقعة.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط