فرنسا بين التريث والتغيير في سوريا: هل حان وقت التحرك؟
باريس تجهز لإرسال ممثل إلى دمشق ولا تسرع في رفع العقوبات
تسير فرنسا في ملف سوريا بتوازن دقيق، حيث تتأرجح بين اتخاذ خطوات ملموسة أو التريث في انتظار وضوح المشهد السوري، والتعرف على تطلعات الحكومة الجديدة، خاصة بعد ظهور “هيئة تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني). وتفضل فرنسا التنسيق مع شركائها الأوروبيين رغم تفاوت مستويات انخراط الدول في الملف السوري.
المصادر الفرنسية تشير إلى أن باريس، مثل العديد من العواصم، كانت “مفاجأة” بسرعة سقوط النظام السوري الذي تعتبره “نظامًا قاتلاً” مسؤولًا عن مقتل 400 ألف شخص، حيث أدى ذلك إلى “فظاعات” متزايدة، وساهم في انتشار الإرهاب بدلاً من محاربته، بالإضافة إلى تدفق ملايين اللاجئين.
وتعتبر باريس أن سقوط الأسد كان مفاجئًا، ولكنه أتاح “بارقة أمل” للسوريين، رغم التحديات الكبيرة التي تلوح في الأفق، مثل احتمالية تقسيم سوريا، وصعود نزاعات طائفية، وكذلك خطر التدخلات الخارجية وانتقال النزاع إلى لبنان كما حدث في 2015 و2016.
إقرأ أيضا
وفي ظل التصريحات المعتدلة من قبل الجولاني وحكومته الانتقالية بقيادة محمد البشير، ترى باريس أن الأفعال أهم من الأقوال. وتشدد على ضرورة تحقيق انتقال سلمي للسلطة يشمل جميع الأطراف ويحترم الحقوق الأساسية والمساواة بين الأديان والطوائف، مع ضمان حقوق النساء.
فرنسا مستعدة لإرسال مبعوث، ربما جان فرنسوا غيوم، لكنها ترفض الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة، مؤكدة في بيان رسمي أن من المبكر بحث رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
فيما يتعلق بعودة اللاجئين، باريس ترى أن عودتهم مرهونة بتوافر الشروط الأمنية والكريمة، وهو ما لا يزال غائبًا، حتى مع تغيير النظام. وتتماشى المواقف الفرنسية مع مجموعة السبع التي أبدت استعدادها لدعم عملية انتقالية تحقق حكمًا شاملًا وغير طائفي في سوريا، مع التأكيد على أهمية احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وتحت ضغط التطورات الميدانية في سوريا، حيث تستمر إسرائيل في توسعها بالأراضي السورية وتتحرك تركيا في الشمال الشرقي ضد “قسد”، تدعو مجموعة السبع جميع الأطراف إلى احترام وحدة سوريا وسيادتها.
من جانبها، اعتبرت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية، أن الوضع في المنطقة بالغ التعقيد، مشيرة إلى التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي تشهدها المنطقة.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط