
العرف والتقاليد سادا وطغا وتغولا على التعاليم الدينية. اليوم لا سلطة في العراق إلا العرف. ولا قانون إلا القانون العشائري .. ودين محمد صار في خبر كان.
في باص يتسع لأربعة وأربعين راكبا متجها من شمال العراق نحو الشمال التركي. رحلة تستغرق أكثر من أربعة وعشرين ساعة بتوقفاتها وإجراءاتها الحدودية، ناهيك عن التعطل الحاصل بسبب هذا أو ذاك أثناء السفر.
العرف والتقاليد في اجتياز الحدود
لأكثر من ثلاث ساعات يصل الباص إلى الحدود العراقية – التركية قادما من الموصل، فتبدأ إجراءات دخول المعبر من الجانب العراقي. عشرات الباصات والسيارات المتوسطة والصغيرة يقفون في طابور له أول وليس له آخر. كما يستغرق ساعات. حشود المسافرين .. حمل حقائب .. تفتيش .. صيحة من هذا وصراخ من ذاك. أمر من هذا وغضب من ذاك. ثم تنتهي المهمة الأولى التي عادة ما تكون سهلة في الجانب العراقي لتبدأ المشقة الاكبر من الجانب التركي. وهو الأكثر تشددا وتوترا ونرفزة في هذه الرحلة .. إذ عادة ما يكون بسبب حمل المسافرين لمواد غير مسموح بها، أو أكثر مما هو مقرر، الامر الذي يزيد من ساعات التفتيش والتوقف من قبل الأتراك.
أجراءات معروفة للسائق
وكما هو الحال في بعض الرحلات يسعى سائق الباص إلى تسهيل إجراءات الدخول، كأن يأخذ جوازات سفر المسافرين معه لأجل ختم تأشيرة الدخول من الجهات الأمنية، وما إن ينتهي يعود مسرعا لمن معه، والمناداة على أصحاب الجوازات ليعيدها لهم. وهنا حصل ما لم يكن متوقعا لدى السائق في ظل هذه الظروف المتعبة.
نادى السائق على اسم سيدة عراقية ليعطيها جواز سفرها، كما هو المعتاد. فإذا بزوجها يثور ويرعد ويزبد بسبب مناداة زوجته باسمها ! .. تساءل السائق : كيف أعرف صاحبة الجواز إن لم انادي باسمها ؟ فرد زوجها: أنا زوجها، ألا تعرف إنها معي ؟ لماذا قرأت اسمها أمام الجميع ؟ هذا عيب ! اسم زوجتي لا يمكن أن يعرفه الناس! إنه عورة! اسم زوجتي شرفي!
الجاهلية لا تستحي من ذكر نساءها
حتى في زمن الجاهلية لم يكن هناك حرج على ذكر أسماء النساء. فهند بنت النعمان وليلى حبيبة أمرئ القيس وبلقيس وهاجر وسارة كلهن عرفنا أسماءهن عبر التاريخ ولم يستحي أحد من ذكرهن. لكننا على ما يبدو نعيش اليوم فترة أسوأ بكثير من أيام الجاهلية. بسبب العرف والتقاليد.
نجد أحدنا يشير لزوجته وشريكة حياته بهمومها وصعابها بـ (البيت) او بـ (الأهل) أو بـ (أم الأطفال – أم الجهال .. الخ) وكأن معرفة أسمها يشينه أو ينقص من رجولته.
هنا تساءلت في نفسي “زوجة محمد بن عبد الله (خديجة بنت خويلد ).. وأمه آمنة بنت وهب .. وابنته فاطمة .. كيف عرفنا أسماءهن؟ ” ألم يكن لنا بالنبي محمد بن عبد الله قدوة حسنة؟!
العرف والتقاليد.. لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا