مستقبل سياسة ترمب تجاه الملف النووي الإيراني: خيارات وتحديات
عند تولي دونالد ترمب رئاسة الولايات المتحدة، كان الملف الإيراني من أكثر القضايا تعقيداً على أجندة السياسة الخارجية. إيران، التي باتت على مشارف التحول إلى قوة نووية، تواصل تطوير برنامجها الصاروخي الباليستي وتعتبر الولايات المتحدة عائقاً أساسياً أمام تحقيق طموحاتها الإقليمية. لكن السؤال الأبرز كان: كيف سيتعامل ترمب مع هذا الملف؟
وفقاً لتقرير أصدره «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي، وهو مركز أبحاث مستقل، تبدو الإجابة واضحة إلى حد كبير. فمن المتوقع أن يستأنف ترمب سياسته السابقة المبنية على فرض «أقصى درجات الضغط» على طهران، وهو نهج يركز على تشديد العقوبات الاقتصادية وتوسيعها، بهدف كبح جماح إيران في ما يتعلق ببرامجها النووية والباليستية، إضافة إلى تقليص نفوذها الإقليمي.
إقرأ أيضا
رغم أن هذه السياسة أسهمت في إضعاف الاقتصاد الإيراني بشكل ملحوظ، إلا أنها فشلت في دفع طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات. إذ استمرت إيران في تخصيب اليورانيوم وتوسيع نفوذها الإقليمي رغم الأزمات الاقتصادية. بل وصل التصعيد إلى حد شنّها هجمات صاروخية على قواعد أميركية، مثل الهجوم على قاعدة عين الأسد في العراق عام 2020.
تحديات جديدة في المشهد الجيوسياسي
اليوم، تتغير معطيات المنطقة والعالم، مما يضعف من تأثير سياسة الضغط الأقصى. فمن جهة، أدى تراجع الدور الإيراني في سوريا ولبنان إلى تقليص نفوذ طهران الإقليمي، بينما تسببت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة في تدمير جزء من دفاعاتها الجوية. ومن جهة أخرى، فإن الدعم الذي تتلقاه طهران من روسيا والصين يجعل من الصعب تحقيق عزلتها دولياً.
كما أن إيران، التي تعاني من مشكلات اقتصادية داخلية واضطرابات شعبية، ألمحت إلى استعدادها لاستئناف المحادثات النووية. ومع ذلك، فإن الوصول إلى نتائج ملموسة من خلال هذه المفاوضات قد يتطلب وقتاً أطول مما يسمح به الوضع الحالي، خاصة مع قرب طهران من العتبة النووية.
سيناريوهات المستقبل
إذا لم تنجح سياسة الضغط الأقصى في تحقيق أهدافها، فقد تتزايد الدعوات لتوجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، فإن أي تصعيد عسكري يحمل معه مخاطر كبيرة، سواء من خلال عمل مباشر من الولايات المتحدة أو عبر تشجيع إسرائيل على القيام بذلك.
وفي الوقت نفسه، تواجه إدارة ترمب تحديات داخلية قد تعرقل التوصل إلى اتفاق جديد، خاصة مع وجود انقسامات داخل فريقه حول كيفية التعامل مع طهران.
يرى المراقبون أن اللجوء إلى القوة العسكرية أو استمرار سياسة الضغط الأقصى يحمل كلاهما تكاليف كبيرة. ففي حين أن التصعيد العسكري قد يؤدي إلى فتح باب جديد من الصراعات، فإن تجاهل طموحات إيران النووية والصاروخية قد يعيد تشكيل المشهد الإقليمي بطرق غير متوقعة.
المصدر : صحيفة الشرق الأوسط