الحشيش، أو نبات القنب الهندي، المجفف. أدمنه المصريون، بشكل يصعب فهمه واستيعابه. ليس هناك جلسة بين شخصين إلا وكان الحشيش ثالثهما. صباحا ومساء، ظهرا وعصرا، ليلا وفجرا. لا وقت معين لتدخينه. نساء ورجال، أطفال وشيوخ. إذ لا يقتصر تدخين الحشيش على جنس معين، أو طبقة دون غيرها، أو سن معين.
استهلاك المخدرات يفوق واردات قناة السويس
وتقول دراسة حديثة أجراها الدكتور عادل عامر، الباحث في المعهد العربي الأوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، في جامعة الدول العربية. أن حجم الإنفاق السنوي للمصريين على المخدرات يبلغ نحو 140 مليار جنيه سنويًا، مع نهاية عام 2016. هذا الرقم يؤكد أن حجم الانفاق على المخدرات في مصر، قد تجاوز الدخل الشهري لقناة السويس.
بعد الدراسة التي أجراها الدكتور عادل عامر على المجتمع المصري، تبين أن نحو 20 مليون شخصا يتعاطون مادة الحشيش. كما يقرب من أكثر من 40 مليون مصريا، يتعاطون نبات البانجو. كذلك أشارت الدراسة إلى أن كمية الإنفاق اليومي على المخدرات بأنواعها في مصر، يقدر بـ 60 مليون جنيه مصري. ما يعني أن الانفاق على المخدرات في مصر قد تجاوز 1.8 مليار جنيه في الشهر.
إدمان الحشيش لا يقتصر على فئةٍ عمريةٍ معينة
دراسة المعهد العربي الأوروبي أوضحت أن من يتعاطون النباتات المخدرة، في ازدياد مستمر كل يوم. كما ذكرت الدراسة، أن المرحلة الأولى من الإدمان تبدأ في سن الثالثة عشر، ولغاية الثامنة عشر، إذ يتعاطون نبات البانجو المخدر، لتواجده بشكل دائم بين تجار المخدرات، ولرخص ثمنه. بينما تبدأ المرحلة الثانية من الإدمان، ابتداء من سن الثامنة عشر ولغاية سن الثلاثين عاما. إذ يتعاطون الحشيش.
فرنسا تسمح ببيع الحشيش
على خلاف ذلك، سمحت أعلى محكمة إدارية فرنسية، ببيع زهرة القنب الهندي في فرنسا، كذلك الأوراق التي تحوي الكانابيديول. بعد أن كان ممنوع بيعه داخل فرنسا في عام 2021. المحكمة الفرنسية، استندت في قرارها إلى “عدم تناسب الحظر العام والشامل لتسويق المادة عندما تكون خاماً”.
لا بد من التفريق بين القنب الهندي و”المارجوانا“، فـ “المارجوانا” تحتوي على رباعي هيدرو كانابينول السام. بينما يحتوي القنب الهندي على مركب الكانابيديول غير السام. والذي يباع في فرنسا، على شكل زيت أو شاي، له مفعول نفسي حتى في شكله القابل للتدخين. كما أوضحت المحكمة الفرنسية، أن قرارها ببيع الكانابيديول على شكل أوراق أو أزهار “لا يشكل خطراً على الصحة العامة”. ما يعني عدم وجوب حظر القنب الهندي من التداول داخل المجتمع الفرنسي. مبينة “أنّ التقارير العلمية لم تُفد بأي أضرار تتسبب بها الجزيئات الأخرى الموجودة في أزهار القنب وأوراقه وتحديداً الكانابيديول”.
وبينت المحكمة الفرنسية، أنّ الكانابيديول، وبحسب التقارير العلمية، يتمتع بـ “القدرة على جعل متناوله يسترخي، وله تأثيرات مضادة للتشنج، إلا أنّه لا يحمل تأثيرات على الذهن، ولا يتسبب بإدمان من يتعاطاه”.
الحكومة المصرية بحاجة لإعادة تقنين الحشيش
إن تناول الشعب المصري للحشيش، أصبح موضوعا مفروغا منه، ولا يمكن غض النظر عنه. والحكومات المتعافبة في مصر، على مدار الستين عاما الماضية، لم تتمكن من إيقاف دخول الحشيش إلى أراضيها. بل العكس، كل يوم تزداد كميات الحشيش المهربة من الخارج إلى داخل المدن المصرية. بالتالي تتسع دائرة متناولي هذه المادة.
وإذا عرفنا أن الشعب المصري، يتناول النباتات المخدرة بما يقارب 2 مليار جنيه مصري في الشهر الواحد. فعلى الحكومة المصرية، إعادة النظر في تقنين بيع وتناول هذه المواد. فكما يرى بعض خبراء الاقتصاد المصري، أن هذه النباتات متوفرة في جيوب المصريين، فلِمَ لا تتحكم الحكومة المصرية بتداولها؟ بمعنى وضع قوانين معينة عند تدخينها، مثل منع قيادة السيارات أثناء التدخين. خاصة وإن التقارير الطبية لا تعتبر “الحشيش- القنب الهندي”، على سبيل المثال من المواد الخطرة على صحة الإنسان. كما يمكن طرح السؤال التالي: إن كان الحشيش يدخل إلى الأراضي المصرية، بدون علم الدولة، فلم لا يدخل بعلمها وفق قوانين تحت سيطرتها؟ أو لماذا لا تسمح الحكومة المصرية، بزراعة القنب الهندي، وهي التي لديها وفرة في الأراضي؟ بدل شراءها من الخارج بالعملة الصعبة، وبمبالغ سنوية تعادل ضعفين من واردات قناة السويس للشهر الواحد؟! إن سلمنا أن قرار المحكمة الفرنسية قرار صائب، وإن مادة القنب الهندي لا تشكل خطورة على صحة الإنسان.
لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا