الطرود المفخخة .. الفاعل مجهول والتهم جاهزة
الطرود المفخخة آخر الهجمات الإرهابية على المؤسسات الحكومية. غير أنها لم تكون طريقة مبتكرة فقد سبقتها طرود كثيرا أشهرها عام 2010. عندما تعرضت منشآت حكومية في أوربا والولايات المتحدة لهجمات بمثل هذه الطرود.
حملة الطرود الأخيرة بدأت عندما أرسلت عبوة بريدية إلى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث في الرابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2022. ما دفع حكومة مدريد لتشديد الأمن حول المباني الحكومية والعامة. كما أُرسلت طرودا مماثلة في عدة أماكن إسبانية، مثل وزارة الدفاع وقاعدة جوية وشركة لتصنيع الأسلحة. والسفارة الأوكرانية، التي أصيب أحد رجال الأمن فيها بعد انفجار الطرد. بينما اعترض رجال الأمن طردا كان قد أرسل إلى السفارة الأمريكية، وتمكن رجال مكافحة المتفجرات من تفجيره تحت السيطرة.
تاريخ قريب لهجمات البريد المفخخ
قبل نهاية عام 2010 شهدت عدة مدن أوروبية والولايات المتحدة هجمات مماثلة فيما يخص الطرود المفخخة. فقد عثر رجال الأمن ألالماني على طرد مرسل من اليونان إلى مكتب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. بالإضافة إلى انفجار قنابل صغيرة في السفارتين السويسرية والروسية في أثينا. كما أكتشف طرد ملغوم كان مرسلا إلى مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. إلى جانب اكتشاف طردين ملغمين في السفارتين التشيلية والبلغارية في اليونان. في حين اشتعلت النار في طرد لدى فحصه كان مرسلا إلى رئيس الوزراء الإيطالي.
التصريحات الأوربية يومها ذكرت أن هذه الطرود التي مصدرها اليونان ما هي إلا احتجاجات حول مستقبل اليونان وعلاقتها بالاتحاد الأوربي، وتعبيرا عن الأزمة المالية التي تعيشها أثينا.
هجمات على إيطاليا
لم تكن الهجمات فقط من اليونان، بل من إيطاليا كانت هجمات أخرى في عام 2016. إذ تعرضت سفارة سويسرا وتشيلي واليونان لهجمات بالطرود المفخخة في العاصمة الإيطالية روما. أسفرت عن جرح عدد من الموظفين وقتها. كما عثر رجال الأمن على طرد بريدي مفخخ في مقر الوكالة الأوروبية للأمن الغذائي (إيفسا) في مدينة بارما بشمال إيطاليا، وتمكن خبراء المتفجرات من تفجيره من دون التسبب بأضرار
هجمات على الولايات المتحدة
شهدت الولايات المتحدة الامريكية في آذار / مارس من عام 2018 سلسلة من الهجمات بالطرود المفخخة. سلسلة الانفجارات البريدية أسفرت في تلك الفترة عن قتيلين والعديد من الجرحى. في هجمات على مدينة أوستن الواقعة في ولاية تكساس.
وفي تشرين الأول / أكتوبر من العام ذاته تمكنت عناصر من الـ FBI من القبض على شخص كان يرسل الطرود البريدية المفخخة لكبار المسؤولين في أمريكا. إذ أرسل طرودا إلى معارضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما اتهمته المباحث الفيدرالية FBI بإرسال 14 طردا بريديا مفخخا إلى رؤساء سابقين. من بينهم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والممثل روبرت دي نيرو.
الصين ضحية أخرى للطرود المفخخة
ففي أيلول / سبتمبر من عام 2015 ضربت الصين موجة من الطرود المفخخة أسفرت عن قتلى وجرحى. هجمات بلغت 17 طردا مفخخا. أسفر إحداها في منطقة كوانغشي عن الحاق الضرر بعمارة من ستة طوابق. وبينت وسائل الإعلام الصينية وقتها أن الطرود هاجمت عشر مراكز رسمية في منطقة ليوشينغ.
لماذا هذا الأسلوب؟
يبدو أن الهجوم عن طريق البريد صار سلاح يعمل في الخفاء ودون مواجهة. على الرغم من كونه سلاحا غير مجدي في العديد من الحالات، خاصة مع تطور أجهزة الكشف عن الطرود في الدوائر الرسمية. غير أنه يمثل تهديدا لرجال الأمن على المستوى الدولي.
دوافع هذا الهجوم معروفة لدى السياسيين لكنها غير معلن عنها لدى الناس. فأصحاب الطرود لا يعرّفون عن أنفسهم عند الهجوم ويفضلون التكتم عن هويتهم. ما يجعل هذا التكتيك سلاحا للحكومات المختلفة توجهه بوجه خصومها. من أجل تسييس هذه الهجمات وفق ما تشتهي متطلباتهم. فمثلا في هجمات اليونان اعتبروها شأن داخلي. وفي هجمات روما اتهموا فيها جماعات تثير الفوضى. ناهيك عن مسلسل “الاضطرابات النفسية” التي تعد شماعة في الولايات المتحدة عندما يكون الفاعل غير مسلم. أما إن كان مسلما فالتهمة جاهزة “إرهابي”. أما الهجمات الأخيرة في إسبانيا فالمتهم الأول “روسيا” لأن المصلحة العامة اليوم في أوربا تقتضي توجيه هذه التهم نحو بوتين ونظامه.
لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا