العراق واليابان هل هما متشابهان أم على طرفي نقيض؟!
العراق واليابان. أيمكن المقارنة بينهما ؟ لا يخفى على أحد أن اليابان صارت كوكبا مستقلا عن كرتنا الأرضية. والدول المتقدمة تتخذ تلك البلاد قدوة ومثالا يحتذى به. فهي متفوقة على الجميع صناعيا وألكترونيا وثقافيا … إلخ من مكتسبات اليوم والأمس.
وليس من المعيب أو المخجل إن تشبهت دولة متقدمة باليابان، لتقارن ما تصنع بما يصنعه الساموراي. أو تقدم إحصائيات اقتصادية وتقارنها بهم .. لكن المعيب والمخجل أن دولا لا تصنع ولا تزرع ولا تقدم شيئا يخدم البشرية وتشبه نفسها ببلاد عظيمة وإمبراطورية مثل اليابان!
ويمكننا التطرق عن ب خصائص العراق واليابان في النقاط التالي:
أوجه الشبه بين العراق واليابان !
أحد زعماء الأحزاب في العراق، تحدث عن أوجه التشابه بين اليابان وبلاده. على الرغم من المعرفة المطلقة بفساد هذا السياسي ماديا وأخلاقيا .. ومدى بعده الثقافي والحضاري عن كوكب اليابان.
فهل هناك تشابه بين العراق واليابان؟ ربما هناك تشابها يصل للتطابق بينهما .. فهم يصنعون ونحن لا نصنع .. هم يستخدمون المنهج العلمي في حياتهم. ونحن نستخدم منهج “ذبهة برقبة عالم، واطلع منهة سالم” أي بمعنى “دعها لرجل دين وأخرج من المسألة سالما”.
هم أسسوا نهضة بعد خراب، لكننا أسسنا خراب بعد نهضة. هم ملحدون – إنسانيون، غير إننا مسلمون – أبالسة .. إنهم وصلوا لأقاصي الدنيا بعلمهم وذكاءهم، ونحن دمرنا أرضنا بجهلنا وغباءنا. نعم نحن متشابهون. متشابهون جدا، متشابهون لدرجة أن شوارع اليابان فيها من الأبنية الحديثة وإنارتها تجعل من يمشي فيها وكأنه يمشي بين المجرات. وشوارع العراق فيها من التخسفات وتهدم الأرصفة وكأنك تمشي على كوكب المريخ! اليابان لا يقارن بدولة نامية مثل العراق، فنحن نصنع من الموارد كارثة، وهم يحولون الكوارث لدروس في الحياة.
كارثة فوكوششيما النووية
ففي كارثة المفاعل النووي في فوكوشيما اليابان بتاريخ الحادي عشر من آذار / مارس 2011. نجد الشعب الياباني صب جهده على حل المشكلة، بدل لوم الجهات المسببة لما حدث. ولم يُسمع في أنحاء اليابان شخصا تذمر من المفاعل، بل الجميع وظفوا جهودهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أثناء الكارثة ضرب لنا اليابانيون مثالا رائعا في الأدب والأخلاق، فلم تحدث حوادث سرقة لمتاجر، ولم تكن هناك مشاكل في توزيع الطعام .. لا تدافع بالأيدي ولا ضرب أو صراخ على بعضهم البعض. واقفين في طوابير منتظمة من أجل ما يشربون أو يأكلون .. فقط يشترون ما يحتاجونه، دون زيادة، ليتمكن الجميع من أخذ احتياجاته بلا أنانية.
التضحية بالنفس من أجل اليابان
أما من الناحية الأمنية، فلم تشاهد بلادهم أية خروقات أمنية أو مرورية، ولم تكن هناك محلات محطمة أبوابها، أو سيارات مسروقة. رغم ابتعاد رجال الأمن عن الشوارع، إذ كانوا في حالة عمل دائم لإبعاد الكارثة عن المناطق المحيطة بالمنطقة، أو لإجلاء السكان .. ناهيك عن إرجاع المواطنون البضاعة التي كانت في إيديهم حال انقطاع الكهرباء عن المتاجر المتواجدين فيها وقت حصول الكارثة.
تضحية جبارة
وفي ظل القلق والتوتر والصدمة مما حدث. تقدم خمسون عاملا لتبريد المفاعل رغم خطورة التواجد فيه بسبب الإشعاعات المنبعثة، مضحين بأنفسهم من أجل بلادهم!. أما المطاعم فقد خفضت أسعار الوجبات، والأغنياء قدموا كل المساعدات الممكنة لمن هم غير قادرين على إعالة عائلاتهم .. كما ساعدوا من لم يتمكن من التنقل بعيدا عن منطقة المفاعل بإيجاد وسيلة نقل تساعدهم للوصول إلى أماكن آمنة.
ميثاق شرف إعلامي – سياسي
أما من حيث المعلومات المقدمة من قبل الإعلام الياباني، فكانت مثالا للمهنية، ولم تستغل الحادثة في ضرب الخصوم السياسييين. بل نقلت الأسباب كما هي دون تلاعب.. كما حققت الحكومة اليابانية مع المقصرين في عملهم، والمتسببين فيما حصل بمصداقية، وبعيدا عن المحسوبية.. لذلك نجد أن الشعب الياباني لم يخرج متظاهرا، أو مطالبا أحد ما بالاستقالة. أو محاسبة المسؤولين عن الحادث، لكونهم يثقون بحكومتهم ثقة مطلقة، نابعة من النزاهة التي يتمتع بها كل ياباني.
ما حدث في اليابان لا يمكن تصوره في بلد مثل العراق، فالإنحدار الاخلاقي لبلاد الرافدين ضرب كل شيء. والسياسيين صاروا هم الكارثة الحقيقية على الشعب العراقي .. ولا مجال للمقارنة ولو بعد ألف عاما من اليوم. لذلك فإن العراق واليابان لا يمكن أن يكونا متشابهين أبدا. بل هما على طرفي نقيض تماما.
العراق واليابان. لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا