المنتخب الإيراني بين نار الحكومة ونار الشعب
المنتخب الإيراني يعيش بين نارين. بين نار الحكومة التي لا يمكن تجنبها في حالة قررت حرق القريب والبعيد. ونار الشعب الذي أوكل إليهم مهمة توصيل صوتهم الذي تجاهله العالم والمجتمع الدولي المؤثر وكافة منظمات حقوق الإنسان.
لاعبون يؤدون المباريات تحت ضغوطات قاسية. منها ضغط الشعب الإيراني الذي اعتبر زيارة المنتخب لرئيس إيران قبل السفر للدوحة والمشاركة بكأس العالم “خيانة” لهم وللدماء التي سالت في سبيل الدفاع عن حرياتهم وحياتهم. فاللاعبون الإيرانيون منذ بدء المونديال أكدوا على أنهم في قطر “للقتال من أجل الشعب وإسعاده”. لكنّهم مع ذلك عالقون بين المصالح المتضاربة، في وقت تقمع الجمهورية الإسلامية احتجاجات شعبها المستمرّة منذ أيلول/سبتمبر.
ضغوطات خلف كواليس المنتخب الإيراني
المدرب البرتغالي كارلوس كيروش قال بعد اللقاء الأول لإيرانو الخسارة بسداسية من إنجلترا إنّه “لا يمكن تخيّل ما مر به اللاعبون وراء الكواليس. مضيفا: “إنهم يريدون التعبير عن أنفسهم كلاعبي كرة قدم، لكن مهما قالوا، فإنّ الناس سيرغبون في قتلهم”.
الجميع شاهد اللاعبين وهم يمتنعون عن ترديد النشيد الإيراني الوطني قبل انطلاق مباراته ضد إنجلترا. لكن الشعب استنكر بشدة لقاء كيروش ولاعبيه مع الرئيس المحافظ إبراهيم الرئيسي قبل السفر إلى قطر. إذ اعتبروه الخط الفاصل بين أبناء شعب شغوف بكرة القدم وبين منتخب يمثل الحكومة القامعة لهم.
أثناء مباراتي المنتخب الإيراني تردّدت صيحات “حرية، حرية” من على مدرّجات المشجعين الإيرانيين الذين هتفوا أيضًا باسم علي كريمي، لاعب بايرن ميونيخ الألماني السابق والذي أصبح منتقدًا شرسًا للنظام. كما وجّهت الإهانات إلى عناصر معروفة بقربها من النظام، ومن بينهم مهدي ترابي ووحيد أميري وذلك خلال فترة الإحماء.
غياب الاحتفال عن شوارع إيران
نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صور ولافتات للاعبي منتخبهم وقد أضرموا النيران فيها تعبيرا عن عدم احترامهم لهم بعد زيارة الرئيس. كما أن الفوز على ويلز بهدفين للا شيء، الفوز الذي حافظ على فرص التأهّل للدور الثاني. لم تتبعه احتفالات على نطاق واسع، على عكس ما اعتاد عليه الإيرانيون.
كمية الضغط الذي تعرض له اللاعبين يمكن إحساسه من خلال مشاهدتهم وهم يتلون النشيد الوطني بفتور قبل مواجهة ويلز. أما السلطة الحاكمة فسارعت للابتهاج، مما وضع الفريق الوطني أمام مزيد من المتاعب. وأظهرت قوات مكافحة الشغب، التي تشن حملة قمع دامية، فرحتها في الشوارع، وفقا لمقاطع فيديو ظهرت على تويتر. كما أن المرشد الأعلى علي خامنئي احتفل في تغريدة “لاعبو المنتخب الإيراني أسعدوا الأمة الإيرانية. أسعدهم الله”.
القمع والتهديد مصير من يدعم الشعب
اللاعبون يعرفون تماما أن القمع مصيرهم فيما لو أبدوا المزيد من التعاطف مع شعبهم. هذا لا يعني تعاطفهم معهم. وخير دليل صمتهم أثناء النشيد الوطني في أولى المباريات. كما أن الامتناع عن اللعب في مثل هكذا محفل قد يعلق مباريات إيران الدولية لأجل غير مسمى.
مطرقة الحكومة وسندان الشعب. هكذا هي حال المنتخب الإيراني. يكفي أن نقول أن أبرز لاعب في تاريخ إيران “علي دائي” تعرض للتهديد عندما أعلن عن تضامنه مع شعبه ضد الحكومة.
لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا