المقالات السياسيةمقالات

ما معنى الولائية؟ وكيف انتشروا في العراق؟

الولائية كلمة شائعة في يومنا هذا وأصبح ينطقها الصغار والكبار. من يفهمها ومن لا يفهم معناها يرددها. كلمة تعني انتماء الشخص إلى وطنه أو عشيرته أو قائدة أو عقيدته. هذا المصطلح لم يعرف في السابق ولم ينتشر مثل هذا الشكل كما الآن. حيث نجد أغلب البرامج السياسية والمقدمين وجميع وسائل الإعلام تتحدث عن الولائية.

كان الولاء في السابق للوطن للأرض والعقيدة. لكن الآن أصبح الولاء لشخوص أو لأوطان لم يراها الولائي. وقائد لا تعرف أصله، أو إلى من ينتمي. أو لمسميات حديثة لم تعرف مصدرها أو لمليشيات أسست من قوى خارجية. لكن الخسارة الأولى والأخيرة هي للفرد أو للوطن بخسارة أبنائه.

متى عرف العراق الولائيين؟

بدأ مصطلح الولائيون في العراق ينتشر عند اضطراب سوريا وبدأ الشباب العراقي (الولائي) بالدفاع عن المقدسات في الشام. هذا الدفاع كان بمثابة الفخر لكثير من الناس. فالعراق في السابق دافع عن فلسطين وسوريا ومصر، ما يعني أنه ليس بالشيء الجديد على بلد كالعراق.

لكن بعد غزو الإرهاب للعراق واحتلال عدد من محافظاته. أصدرت المرجعية العليا فيه فتوى بالجهاد للدفاع عن أرض الوطن. ذهب الشباب العراقي المعروف بغيرته تجاه وطنه وذهب الآلاف إلى سوح القتال وأستشهد المئات لأجل هذه الأرض الطاهرة. ومنهم من فقد يده أو قدمه وأصبح جريحا مقعدا.

وبعد تحرير العراق قبل سنوات من الإرهاب، وبدء عمليات إعمار المناطق المحررة وإعادة الحياة في المحافظات المنكوبة وكذلك السماح للنازحين من العودة لبيوتهم. كان الجميع ينتظر رد الجميل للشهداء والجرحى. لكن بدأنا نسمع أن الدولة (س) هي صاحبة الفضل على العراق. وإن القائد (ص) هو من ساهم بتحرير العراق من العصابات الإرهابية. مع العلم أن جميع الشهداء الذين سقطوا للدفاع عن العراق كانوا عراقيين وليس فيهم من دولة (س). فبلد كالعراق لا يحتاج يد العون في الموت من أجل ترابه، وليس هناك أكثر من العراقيين تمرسا على الحرب.

نصف من الشهداء صرف لهم رواتب لذويهم. والنصف الآخر لم يصرف لهم لأسباب إدارية بحسب قول الجهات المسؤولة. والبعض من الجرحى تخلى عنهم قادتهم. منهم من تركته زوجته بسبب وضعه الصحي ومنهم من تخلى عنه أهله لكونه بحاجة إلى مبالغ كبيرة لعلاجه. كل هذه التضحيات وفي الأخير نسبت إلى غير من دافعوا عن الأرض. بسبب ولاء المسؤولين لبلد غير وطنهم.

الولائيون بعد التحرير

عندما انتهت الحرب ضد الإرهاب ظهرت أصوات كثيرة تطالب بإنهاء الفصائل المسلحة داخل المدن. كونها بدأت تسلك طرقا غير التي أسست من أجلها. وصار لها طرقا غير شرعية تحصل من خلالها على تمويل رواتب منتسبيها.

قررت جميع الفصائل الولائية بالاتجاه إلى السياسة. وتكوين كتل ومرشحين للدخول إلى قبة البرلمان والسيطرة على دوائر مهمة في البلد. جميع الفصائل التي شاركت في الانتخابات ليس لها برنامج انتخابي بل كانت بين حين وآخر تمن وتذكر المواطنين بأنهم من خلص الشعب من العصابات الإرهابية. وعليه يجب بقائهم لحماية البلد. وللأسف أن أغلب المرشحين كانوا ينتمون لهذه الفصائل. يستمدون قوتهم من مليشياتهم. ربما يخوفون البعض وربما يستغل الناس للفوز بالانتخابات المقبلة.

من فصائل مسلحة إلى أفندية في البرلمان

الكثير الآن يعرف جيدا كيف تحول الولائيون في هذه الفترة إلى رجال سياسة وأصحاب قرار في البلد. فالولائي يرحل أينما يجد مصلحته. هنا الفصائل الولائية جندت واجهات لها من الخريجين للعمل على رفع الجانب الثقافي لهم كمؤسسة إذ أصبحوا سياسيين اليوم.

كيف اقتنع المواطن العراقي بالانتماء للولائيين

نرى في هذا الوقت أعداد هذه الفصائل تزداد بشكل ملحوظ. بحيث يوجد الآن ما يقارب الأربعين فصيلا ولائيا تحولوا إلى حزب وكتلة ودخل جزء منهم في السياسة. أغلب الشباب دفعه العوز والحاجة إلى الدخول بهذه الفصائل. هم يعرفون أنهم سراق ويعرفون جيدا أن أيديهم ملطخة بالفساد. لكنه وبسبب امتصاص قوت الشعب من قبل هذه المليشيات من جانب. ومن جانب آخر ما تأخذه الدولة وأحزابها. مبالغ المليارات. اضطر الشباب العراقي إلى الدخول معهم. وأصبح ولائيا مثلهم. ويدافع عن شخصيات وأسماء، لمجرد أنه لم يجد عملا حكوميا أو لم يستطع تحقيق طموحه أو تعذر عليه الزواج فاحتاج المال عن طريقهم، أو بحثا عن السلطة.

السؤال هنا عزيزي القارئ. هل تعرف الفصائل الولائية كم وزارة تمتلك؟ وهل تعرف على عدد المدراء الذين تحت أمرتهم؟ وعلى كم منفذ جمركي تستحكم؟ وأعداد عمليات التهريب الممنهجة للبترول؟ وإلى أين وصلت أرصدتهم في البنوك؟ وهل لدينا العلم بمدى تغولهم والأموال التي يجنونها من ملف المغيبين بالسجون السرية؟ ومن سيقف لهم وهم يسيطرون على التعيينات الحكومية التي يستغلون الشباب فيها فهي نقطة ضعفهم؟ ومن سيوقف عمليات إدخالهم للمخدرات وحبوب الكريستال؟ من سيتمكن من إيقاف أخذهم للإتاوات من المحال التجارية؟ ومن سيفك رقاب الناس وهم يسيطرون على النوادي الليلية “الملهى”؟ وكيف يقتنع الناس بأنهم هم من يديرون صالات الروليت والقمار؟

الحديث يطول، ربما سنحتاج الكثير الكثير من الوقت والورق.

لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى