وزارات غير مرئية في العراق .. منجم ذهب للسياسيين وميليشياتهم
وزارات غير مرئية .. قد يتفاجأ الكثير من هذه التسمية. لكن هذه حقيقة لا يعلمها سوى من التمسها داخل العراق. الأحزاب اتجهت إلى هذه الوزارات البعيدة عن أعين الإعلام. أو ربما يتغاضى عنها الإعلاميون خوفا، أو قبولا بالوضع العام.
بعد العديد من تجارب السياسيين لجميع الأحزاب خلال التسعة عشر عاما الماضية، وجدوا أن منصب “الوزير” يجلب التساؤلات والتحقيقات. ويَنظر إليه بعين الفساد المالي. وبعد اكتسابهم خبرة سنوات كثيرة مارسوا فيها شتى أنواع الفساد، عرفوا كيف يخترعون وزارات تجلب المليارات دون محاسبة ورقيب.
وزارات غير مرئية .. الوزارة لا تهم
أصبح منصب “الوزير” اليوم ليس ذو أهمية كبيرة لدى الكتل السياسية. وقد تفاجئ اغلب العراقيين بسرعة تنصيب الوزراء على عكس ما كان يجري في الحكومات السابقة. إذ كان الاختيار لأشهر أو سنة أو ربما تزيد. وأحيانا تدار بالوكالة. ومن هذه المناصب التيتجلب الأموال للفاسدين “الأمانات الضريبية” و”السجون” والمنافذ الحدودية والجمارك” و”النزاهة”.
مليارات الأمانات الضريبية بلا رقيب
الأمانات الضريبية واحدة من أهم المناصب الحالية الزاخرة في جني الأموال دون حسيب أو رقيب. وزارة من الوزارات غير المرئية. ويمتلكها حزب معين، مسيطر عليها. ومؤخرا سمعنا بسرقة القرن التي جرت في العراق والتي كانت ما يقارب ثلاثة مليارات دولار!
يتبادر عند الحديث عن أموال الضرائب السؤال التالي: لماذا لا تموّل الضرائب جزا من رواتب موظفيها بشكل مباشر؟ وما الفائدة من إعادتها إلى الميزانية؟ ولماذا تؤجل عدة مرات المراجعة السنوية للضرائب؟
إن جميع الدول تضع في خطتها تمويل رواتب موظفين دائرة ما من نفس تحصيلاتها. لكن في العراق فقط تعود إلى الخزينة العامة بعد سنة أو سنتين أو لا تعود اصلا.
ملف السجون .. دجاجة تبيض ذهبا
السجون العراقية لن نخطئ إن وصفناها بأكثر السجون فسادا في العالم. العديد من الأمور غير القانونية هناك. منها على سبيل المثال لا الحصر عدم إخلاء السجون في حالة تم الإفراج عن المسجونين لمساومة ذويهم. وزج العديد من الأبرياء في السجون للاتجار بهم. كما يتلاعب المتنفذون بإدارات السجون بكميات الغذاء للفرد الواحد. إضاقة إلى معاملات تبطيء الحكم بغية الحصول على المال من السجين لتسريع حكمه. وتهريب المحكومين مقابل المال. ناهيك عن مشاكل سجون النساء، والأحداث، والمساومات الجنسية فيها.
وزارات غير مرئية .. السجون
ومن بين تلك القضايا في سجون العراق قضية ما يعرف الـ VIP. أو “أشخاص على درجة عالية من الأهمية”. هم من الجنسيات غير العراقية. الآلاف منهم محكومون بقضايا الإرهاب. أغلبهم يمتلكون تمويلا خارجيا، وأرصدة مالية يدفعون منها لمدراء السجون لأجل حمايتهم أو لمعاملتهم معاملة خمس نجوم! مثل توفير المتعة الجنسية لهم بإدخال العاهرات في غرفهم. أو توفير صالات القمار لهم. كما يمكن أيضا أن ترافقهم “حمياتهم الخاصة” للسباحة في النهر. أو البقاء في غرفة منفردة ومكيفة تحتوي على شاشة حديثة وخدمة الانترنت. في الوقت الذي يقبع عشرات السجناء بنفس حجم الغرفة ودون أية معاملة خاصة، فهم لا يملكون المال.
الجمارك والمنافذ منجم الذهب!
تتنازع جميع الكتل السياسة حاليا على إدارة الجمارك والمنافذ الحدودية. كما دخلت هذا الأماكن ضمن مناصب المحاصصة في الحكومات الحديثة. إذ عرفت الأحزاب السياسية في العراق كمية الموارد المالية التي تجنيها هذه الإدارات المنسية أمام الرقابة والإعلام ولا يستطيع أحد الوصول إليها، تحت شعار “بعيد عن العين بعيد الرقابة”. لا أحد يمكنه الوصول هناك لكشف المستور. فهناك تدخل مواد غذائية منتهية الصلاحية. أدوية غير صالحة للاستهلاك البشري. كما يهربون من خلال المنافذ الحدودية البترول. وكذلك السيارات غير المسموح بدخولها. ناهيك عن دخول المخدرات منها بصورة غير شرعية أو شرعية.
المجالس البلدية .. ميزانية تصرف في جيوب المسؤولين
يود أغلب المرشحين الجدد بخوض تجربة الخدمة كمرشح في مجالس البلدية. وهناك حرب دائرة بين الأحزاب على تلك المناصب. وهذا سؤال حير الجميع، لماذا هذه الحرب على مناصب “المجلس البلدي”؟
قد لا يعلم البعض أن المجالس البلدية تصرف المليارات حبرا على ورق فقط. مدارس غير مبنية، منشآت ومنتديات غير موجودة على أرض الواقع. مشاريع بسيطة مثل تبليط الشوارع وصبغ الأرصفة، تصرف عليها المجالس البلدية على الورق المليارات، غير أن الواقع لا تُكلّف تلك المشاريع غير مبالغ قليلة. والباقي في جيوب المسؤولين.
أموال الوقفين السني والشيعي
أكثر المؤسسات التي لا يستطيع المساس بها هما هاتين المؤسستين. إذ تصرف لهما أضعاف ميزانيات الوزارات. والسؤال يا ترى ماهي إنجازات الوقفين؟ هل يبنيان مستشفيات ومدارس؟ أم يؤسسان لمشاريع من أجل احتواء العاطلين عن العمل؟
هيئة النزاهة تحتاج لكثير من النزاهة
هيئة النزاهة تشرف على الجميع. كل المعاملات تدار من هناك. فما من شاردة أو واردة إلا ولها يد فيما سيحدث. مساومات وصفقات و”كومشنات” من أجل تمرير صفقات تضر بالمال العام. المثير للجدل أن نوّاب البرلمان الذي ينتمون للأحزاب الذين يعملون في هيئة النزاهة، بعد سنوات من “النزاهة” يتحولون لرجال أعمال. ويديرون أملاكا ومشاريع في خارج العراق لتبييض ما سرقوا من أموال. والقليل منهم ما يبيض أموال فساده داخل البلاد.
وزارات غير مرئية .. أو وزارات بعيدة عن أعين المراقبين .. والسؤال هنا لو كان لدينا حاكم مثل من يحكم قطر هل سنشاهد الأطفال في الشوارع والأيتام والأرامل بهذه الاعداد ودون معيل؟ هل سنجد أن بلدا مثل العراق بلا صناعة؟ بلا زراعة؟ أم هل سنجد بلدا مثل العراق وهو منتج للنفط بحاجة الغاز من دول أخرى؟
وزارات غير مرئية .. لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا