فجوة زمنية .. في ذكرى احتلال العراق عام 2003
اليوم مرت ذكرى قصف مقر فوج طوارئ أمن بغداد، قبل عشرين عاما من قبل الجيش الأمريكي. ذكرى رؤية فجوة زمنية حقيقية بين الجيش العراقي والجيش الأمريكي.
لم نكن بعيدين عن المكان كثيرا. ربما 100 أو 150 مترا لا أكثر. أتذكر كنت واقفا مع زميل لي في الفوج “أكرم”، ونشاهد كيف “يبصق” مدفع الـ 57 القديم جدا جدا، على شيء في السماء. وما هي سوى ثواني قليلة جدا وهذا الشيء يضرب مبنى “مدرسة الأمن” وفي لحظة من الذهول تلاه صاروخ آخر، ليستقر في “مقر فوج طوارئ أمن بغداد” أو ما وصفته مونتي كارلو بعد لحظات بـ “مقر الكوماندوز العراقي”.
حرق بغداد
سألني بالأمس صديق جديد “من مصر” عن مكان تواجدي في بغداد يومها، وهو يريني صورة لها وهي تحترق بنيران واشنطن في أول أيام الحرب عام 2003. اخبرته إني كنت أحد ما يسمى “الكومندوز العراقي” الذي هو فعليا لم يكن كوماندوز ولا شيء آخر، ربما عناصر تحمل سلاح بلا أية مقومات. ربما البعض منا كان يتمتع بلياقة بدنية جيدة.
إنزال على طريقة النورماندي
سألني عن طبيعة التدريب في ذلك الوقت. ضحكت بشدة. أخبرته أن الضباط الذين كانوا قائمين على تدريبنا أخبرونا إنهم يتوقعون إنزالا عسكريا من قبل الجيش الأمريكي، واعطونا دورس في كيفية اصطيادهم في الجو، متخيلين أن الجيش الأمريكي سينزل كما نزل في “النورماندي” بالبراشوت!
غير أن الإنزال حصل بالفعل قبل سقوط بغداد بأيام قليلة. لكن لم ينزل الجنود بالبراشوت، بل مدرعات، بعد أن نزلت طائرات الشينوك الأمريكية على حدود بغداد.
دبابة هرمة مصابة بالشيخوخة
في مطلع شهر نيسان / أبريل من ذلك العام، كنت أزور عائلتي على عجالة، وأثناء العودة من المنزل رأيت دبابة تابعة للحرس الجمهوري وهي تدور حول نفسها بسبب عطل ٍ أصابها، والدخان يخرج من كل مكان منها. لم تصب بهجوم أمريكي، بل أصيبت بالشيخوخة.
فجوة زمنية
كان لدينا بندقية كلاشنكوف، ويطلب المسؤولون من عاصرنا مواجهة مدرعات لا تنفجر بالآر بي جي! ويحاول الجندي الجالس على مدفع الـ 57 المصنوع سنة 1950 لإسقاط طائرة مصنوعة عام 2002. لم تكن خيانة كما قيل .. بل كانت فجوة زمنية بين الطرفين. فجوة زمنية تمتد لأكثر من خمسين عاما!