مقالات التكنولوجيامقالاتالمقالات السياسية

الهجوم السيبراني الروسي على اوكرانيا حرب جمع المعلومات  

الهجوم السيبراني عندما نحاول فهمه سنجده هجوم ضار متعمد يشنه فرد أو مؤسسة يهدف لاختراق نظام المعلومات لدى فرد أو مؤسسة أخرى. بالتأكيد يسعى المهاجم إلى إحداث ضرر بشبكة الضحية لأغراض معينة أو لأخذ معلومات منه.

ومع اندلاع الحرب الروسية -الأوكرانية توقّع العديد من المراقبين حربا روسية سيبرانية شاملة ضد أوكرانيا تجعل كييف مجبرة على الاستجابة لمطالب موسكو. غير أن هذا الهجوم تعثر في أكثر من خطوة على الأرض وفي الفضاء الرقمي. وقبل الحديث عن الهجوم السيبراني الروسي لا بد من ذكر أن روسيا تعمل منذ سنين طويلة على تطوير قدراتها السيبرانية وأظهرتها في العديد من المناسبات.

بدأ الحرب السيبرانية على أوكرانيا

روسيا شنت الهجوم السيبراني ضد أوكرانيا قبل أسابيع من اجتياح الدبابات للحدود الأوكرانية. الهدف الأول من تلك الهجمات كان إرسال إشارات “GPS” خاطئة مثلا، أو تحطيم الطائرات المقاتلة في الأرض.  غير أن الهجمات كانت دون المستوى المطلوب، على الرغم من كونها تحت إمرة كل من “جهاز الاستخبارات الأجنبية في الاتحاد الروسي، دائرة الأمن الفيدرالية للاتحاد الروسي، والمديرية الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة للاتحاد الروسي”.

أولى الهجمات كانت عن طريق ما يُعرف بالبرامج “الضارة الماسحة”، التي بإمكانها محو محركات الأقراص الصلبة للأجهزة التي تتعرض لهجماتها. استهدفت تلك الهجمات العديد من المنظمات الحكومية وغير الهادفة للربح وتكنولوجيا المعلومات في أوكرانيا. مثال على ذلك فيروس “Whispergate”، الذي قُدّم على أنه برنامج فدية، ولكن بدلاً من السماح باسترداد البيانات، يتم تنشيطه عند إيقاف تشغيل الجهاز المصاب مؤقتا ثم تنزيل ملف .exe ضار لتدمير البيانات المستهدفة.

هجمات مكثفة على مودمات كييف

مع انطلاق الغزو الروسي على أوكرانيا نهاية فبراير / شباط من العام الجاري، شنت القوات الروسية الإلكترونية الهجوم السيبراني على أكثر من 10 آلاف مودم للإنترنت الفضائي يعودون إلى شبكة شركة الأقمار الصناعية الأميركية “فياسات” في أوكرانيا، وأجزاء أخرى من أوروبا. كما تلى هذا الهجوم هجمات إلكترونية واسعة النطاق على وسائل الإعلام التي تتخذ من كييف مقرا لها في الأول من آذار/ مارس. كما ضرب صاروخ برج التلفزيون في كييف.

من جهة أخرى، وبحسب شركة “مايكروسوفت“، التي كانت تراقب وضع الأمن السيبراني في أوكرانيا. أن شركة أوكرانية للطاقة النووية، وكذلك شركات إعلامية ومكاتب حكومية، تعرضت لهجوم سيبراني. كما أبلغت الحكومة الأوكرانية في نيسان / أبريل عن فشل هجوم برامج “ساندوورم” الضارة على شبكة الكهرباء. بينما تعرضت الخدمات المالية ومحطات مراقبة الحدود وحتى البنية التحتية للإنترنت للهجوم، ما أدى إلى تعطل جزء كبير من الخدمات المصرفية. كما تسببت تلك الهجمات في انقطاع التيار الكهربائي. إلى جانب عرقلة توزيع الأدوية والمواد الغذائية وإمدادات الإغاثة.

الحكومة الأوكرانية وجيشها تعرضوا أيضا لهجمات سيبرانية. فقد اكتشفت الجهات المختصة بتلك الهجمات وجود برامج مراقبة على شبكات مختلفة لسرقة المعلومات من الحكومة والمواطنين العاديين فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي والمعاملات المصرفية.

الهجوم السيبراني من أجل حلف الناتو

إن حرب المعلومات بين روسيا وأوكرانيا تدور معظمها حول تعطيل الأنظمة بشكل عام أو لغرض التجسس. فجمع البيانات حول أوكرانيا وداعميها في حلف الناتو كان الهدف الرئيس لموسكو من هجماتها الإلكترونية.

إن حرب المعلومات ليست وليدة الحرب هذه، بل هي قديمة منذ الأزل. غير أن الحرب السيبرانية في القرن الذي نعيش فيه زادت من سرعة التلاعب بالمعلومات حتى صارت شبه آنية. كما وسعت انتشارها في جميع أنحاء الكرة الأرضية. كذلك الهجوم السيبراني الروسي ركّز في جزء كبير منه على استهداف المواقع الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي وخدمات الرسائل. لغرض تشويه الحقائق أو لزرع معلومات كاذبة كجزء من حملة روسيا الدعائية في هذه الحرب. من أجل إضعاف معنويات الشعب الأوكراني. وزرع الانقسام بين أوكرانيا وحلفائها والدول المجاورة لها.

في بداية الحرب كانت هناك العديد من الهجمات الكاذبة تضمنت أحداث كاذبة مدعومة بصور ووثائق مزيفة، بعضها كان واضحا للغاية، مثل نشر مقطع فيديو يدّعي أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد استسلم بالكامل. كما نشرت بعض هذه الهجمات رسائل زائفة أخرى زعمت أن زيلينسكي قد انتحر، وأن كتيبة “آزوف” الأوكرانية تعهدت بالانتقام من زيلينسكي.

لا شك ان الأمن السيبراني الروسي خطير جدا في هذه المعركة، لكنه ليس وحده فأوكرانيا لديها الولايات المتحدة كحليف مهم في هذه الحرب الإلكترونية. والجميع يعرف مدى قوة الولايات المتحدة في هذا المجال. فإذا كانت روسيا تهجم بشكل كبير فإن أوكرانيا وحلفائها تدافع بشكل كبير أيضا. وربما ستطور هذه الحرب لتكون حربا إلكترونية من بعيد بدل الحرب بالأسلحة والقتال المميت. وحتى اللحظة ليس هناك غالب ولا مغلوب في هذه الحرب. حرب الحواسيب.

لمزيد من المقالات يرجى الضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى